لطالما شهدنا ظاهرة أن سوق الأسهم المصرية يمرض عندما تعطس الأسواق العالمية. ولم تكتف الأسواق العالمية بالعطس مرة واحدة خلال الأيام القليلة الماضية؛ بل عطسوا مرتين! الأولى كانت عندما انهار سيليكون فالي بنك (SVB) في أعقاب هجوم على البنك كلاسيكي. والثانية كانت عندما تردد أن كريديه سويس جروب (CSG) فقد المزيد من الدعم من السعودية. لنتطرق للعطستين واحدة تلو الأخرى.
سيليكون فالي بنك: "هجوم على البنك" ذاتي التحقق
البنوك، على عكس الشركات، لا تتحكم في جزء كبير من ميزانياتها العمومية، وهو الودائع تحت الطلب من جانب الالتزامات. بمجرد أن يبدأ العملاء في سحب ودائعهم تحت الطلب، سيتعين على البنوك تصفية أصولهم لتمويل هذه الطلبات. بينما كان لدى SVB عدم تطابق للمدة (duration) في ميزانيته العمومية، لم يتم اكتشاف هذا عدم التطابق فجأة. فقد أظهرت الميزانية العمومية للبنك خسائر كبيرة غير محققة في سبتمبر 2022 (2.7 مليار دولار) والتي كانت أعلى مما تم إعلانه في ديسمبر 2022 (2.5 مليار دولار). لذلك لم يكن هذا جديداً في السوق. ومع ذلك، ساد الذعر بعد أن بدأ المودعون في سحب 42 مليار دولار نقداً من بنك يتمتع برأس مال جيد. ما أدى إلى عمليات السحب كان الفشل في زيادة رأس المال بـ 2.25 مليار دولار، تم تأمين 500 مليون دولار منها بالفعل كانت متوقفة على نجاح الطرح لأسهم عادية واسهم ممتازة قابلة للتحويل. بالإضافة إلى ذلك، كان لدى SVB سيولة وافرة تبلغ حوالي 180 مليار دولار يمكن الاستفادة منها، بما في ذلك القدرة على اقتراض 65 مليار دولار، والتي يمكن أن تغطي قاعدة ودائعها البالغة 173 مليار دولار. ولكن مرة أخرى، كان الذعر هو الذي أدى إلى فشل البنك. أي بنك، بغض النظر عن حجمه، لديه احتمال فشل في حالة الهجوم عليه، ما لم يتدخل البنك المركزي لضمان المودعين، وهو ما فعله الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في حالة SVB.
كريديه سويس جروب: SNB واحد مقابل SNB آخر
بالأمس، اندلعت حالة من الذعر بعد تقارير إعلامية أفادت بأن البنك الأهلي السعودي (SNB) قد تخلى عن CSG، والتي يمتلك فيه حصة تبلغ 9.88%، ولن يقوم بعملية ضخ رأس مال مرة أخرى. في وقت لاحق، تم توضيح أن التعليقات التي تم الإدلاء بها بشأن هذا تم إخراجها من سياقها حيث اتضح أن البنك الأهلي السعودي لن يقدم، في الوقت الحالي، دعماً في صورة رأس مال لـ CSG لأن هذا سيعني زيادة حصته إلى أكثر من 10%، الأمر الذي يتطلب موافقات والمزيد من الافصاحات. في وقت لاحق بعد ذلك، أُعلن أن CSG قد حصل على قرض بقيمة 54 مليار دولار من البنك الوطني السويسري (SNB)، وهو البنك المركزي السويسري، حيث سيتم استخدام جزء منه لإعادة شراء ديون بقيمة 3 مليارات دولار. وقد بعث هذا برسالة إلى الأسواق، التي قلصت خسائرها، مفادها أن البنوك المركزية لن تسمح بـ "لحظة ليمان" أخرى.
ماذا يعني كل هذا بالنسبة للبورصة المصرية؟
يوم الأحد الماضي، قلنا إننا نتوقع أن نشهد "رحلة مليئة بالمطبات"، و قد كان! منذ يوم الخميس الماضي، انخفض مؤشر EGX 30 و EGX 70 EWI بنسبة 10.5% و 16.2%، على التوالي. يُقارن هذا بانخفاض بنسبة 0.7% فقط لمؤشر S&P 500، وهو المؤشر الرئيسي للسوق الأمريكي حيث حدثت العطسة الأولى، وانخفاض بنسبة 3.9% لمؤشر SMI، وهو المؤشر الرئيسي للسوق السويسري حيث حدثت العطسة الثانية. ما حدث بالأمس في البورصة المصرية بشكل خاص كان مشابهاً للهجوم على البنك! كان العديد من المستثمرين يتسارعون للخروج، حيث قرر البعض بيع أسهمهم بسعر السوق، بينما اضطر البعض الآخر إلى البيع الإجباري لتلبية متطلبات الهامش الخاصة بهم والتي قد تستمر في الساعات الأولى من تداولات اليوم. كان هذا واضحاً مع إنهاء المستثمرين المصريين الأفراد يوم أمس كصافي بائعين، حيث شكّلوا بمفردهم 60% من إجمالي تداولات الأسهم! ولكن كما هو الحال دائماً، فإن هذا الذعر يخلق نقاط دخول عند مستويات أرخص بكثير. مع عدم وجود تأثير مباشر من SVB أو CSG على السوق، نعتقد أنه يجب على المستثمرين تخفيض الرافعة المالية والاستثمار على المدى الطويل.