سوق المال المصري: بين الحاضر والمستقبل
مقال رأي مقدم تم نشره بمجلة مباشر مصر - عدد مايو 2016
الطبيعة البشرية عادةً ما تميل إلى عدم التغيير أو الاستقرار. لكن الحاضر -- وحتماً المستقبل – يتأثر بما يسمى Disruptive Technologies – أو بمعنى آخر «التقنيات المربكات». والارتباك هنا ليس بالمعنى السلبي وإنما من حيث التطوير والتمرد على الوضع الحالي لفعل شيئ ما. بالفعل بدون الخروج عن المألوف لن يكون هناك تغيير وبالتالي لن يكون هناك تطوير.
على سبيل المثال لو لم يكن هناك من فكر وتمرد على الوضع الحالي لما أصبح لدينا الآن خدمات مثل "أوبر" أكبر شركة سيارات الأجرة في العالم بدون أن تملك سيارات و"فيسبوك" أكثر مواقع التواصل الإجتماعي جذباً في العالم بدون أن ينتج محتوى و"علي بابا" أكبر شركات التجزئة في العالم من حيث القيمة بدون أن تمتلك مخزون و"إير بي إن بي" أكبر موفر للسكن في العالم بدون أن يملك أصول عقارية.
السر؟ إنه الإبداع! ولكن إذا درسنا حالة سوق المال المصري فسنجد ما يلي:
الإتجاه الوحيد الذي يمكن المستثمرين من الربح هو الإتجاه الصاعد.
فئة الأصول الوحيدة التي يمكن للمستثمرين أن يتداولوها بسيولة عالية هي فقط الأسهم.
لتسوية العمليات التي يقوم بها المستثمرون يجب الإنتظار ليوم أو يومين.
السوق الوحيد الذي يمكن للمستثمرين المرور منه للتداول في الأوراق المالية هو البورصة المصرية.
الآن .. دعونا نتخيل أن يستطيع المستثمرون الربح في كل حالات السوق سواء كان مستقراً، صاعداً أو هابطاً .. وأن يستطيعوا تداول فئات الأصول المختلفة من أسهم لسندات لعقود مستقبلية وخيارات وعملات وسلع .. وأن يمكنهم الشراء والبيع لحظياً وبدون الحاجة للإنتظار ليوم أو يومين .. بل وأن يستطيعوا كل ذلك عن طريق أكثر من سوق مال! حسناً، قد يكون آخر تخيُّل درب من الخيال العلمي ولكن من المؤكد هو أن التخيُّلين من الأول إلى الثالث قابلين للتحقيق منذ اليوم الأول.
الغريب أن ماذكرته عاليه لا يرقى لما نسميه "التقنيات المربكات" .. فقط هو مايجب أن يتوافر في أي سوق مال لكي ينافس على جذب الاستثمارات المالية داخلياً وخارجياً. بمعنى آخر إن ذلك ما هو إلا الحد الأدنى الذي يجب توافره ليكون سوق المال سوق كفء وعادل. هل لنا أن نحلم بذلك أم أن الوضع الحالي سيبقى لأبد الآبدين؟