الاستثمارات الاستهلاكية لا تبني اقتصاداً قوياً ولاتحقق تنمية مستدامة
حوار مع صفحة الكوربيه بجريدة الوفد والأستاذ صلاح الدين عبد الله
4 مستهدفات تعزز دور قطاع البحوث لعملاء البورصة
لم تأت بمحض الصدفة، فأنت كيان، لديك أهداف، وأحلام مرسومة، اعلم أن كل ما تحققه سيتحول لقصة لم تقرأ سطوراً مثلها من قبل، أو حتى تجد فى صفحاتها تكرارا لإبداعات الآخرين، أعطِ لمشوارك تميزاً، وأضف إلى نفسك أشياء من اختراعك، وصنعك.. وكذلك محدثى يبحث عن الإبداع فيما يعمل.
اعثر على ما يثير اهتمامك ويتوافق مع شغفك، وأفكارك الإيجابية، وإياك أن تسمح للخوف أن يمنعك من إدراك قدراتك والسير فى الطريق الذى تحلم به.. وعلى هذا كانت مسيرة الرجل منذ صباه يفتش عن طريق نهايته الإبداع.
عمرو حسين الألفى رئيس قطاع البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية.. يبث أرواحاً جديدة فيما يقدم، بأسلوب أكثر بساطة، نجاحاته لا تكتمل إلا بالعمل الجماعى وروح الفريق، يفتش عن كل جديد، ومبتكر، صراحته مصدر قوة، وليس ضعفاً، نظريته تكمن فى الشفافية الكاملة، وهو سر تفرده.
تناسق كبير بين الأشجار والمبنى، 400 متر هى إجمالى المساحة الخضراء، الأرض عشبية، والورد متنوع الألوان، والأشكال.. أشجار، ونباتات زينة ترسم لوحة فنية، ذات تصميمات خاصة، تراعى البساطة، وتحافظ على صورة المكان.. مزيج من الألوان الهادئة المريحة تضفى جمالاً على الجدران، وهو ما يمثل طاقة إيجابية، وراحة لإنجاز الأهداف، يدفعه دائماً أن يكون فى حالة هدوء وسعادة.
على بعد أمتار وعبر ممر مزين ببعض الفازات والأنتيكات الديكورية، تكون حجرة مكتبه، بدت أكثر زخماً بالمجلدات النادرة والكتب المتنوعة فى كافة المجالات، يتصدر أرفف المكتبة كل صغيرة وكبيرة تتعلق بمجال عمله، النظام والترتيب يسود سطح مكتبه، كل شىء فى مكانه، الأوراق، واللاب توب، والملفات، أجندة أعماله اليومية تكشف قدرته على ترتيب وقت العمل باحترافية، تقييمه لنفسه بصورة دائمة تسهم فى حفاظه على نجاحاته.. سطور تحمل مفردات بسيطة، وجميلة دونها فى مقدمة صفحات ذكرياته تحث على العطاء.. بقوله «جميل أن تعرف معنى العطاء، والأجمل أن تعطى».
مجموعة أفكار دقيقة، ترسم له رؤيته الصائبة، موضوعى، وتحليله يبنى على الأرقام، لا العشوائية، ينتقد ويبنى تحفظاته على دلائل، وأرقام ومقارنات، واضح فى تفسيره حينما يحلل المشهد الاقتصادى.. يقول إنه «رغم الأزمات التى مرت بها اقتصاديات العالم خلال السنوات القليلة الماضية، ومنها أزمة كورونا إلا أن هذه الأزمة كان لها دورس مستفادة، وهى قدرة الاقتصاديات على التعامل مع الأزمات المفاجئة، والتحول السريع إلى الرقمنة، مع تغيير ثقافة المجتمع والدولة بصورة عامة، فى ظل سياسة الشمول المالى، والتحول الرقمى، بالإضافة إلى أن الاقتصاد الوطنى استطاع امتصاص أزمة كورونا بفضل الإجراءات الإصلاحية التى بدأت بتحرير سعر العملة المحلية فى عام 2016، لكن المشهد اتخذ اتجاهاً مغايراً، مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التى أثرت سلبياً على اقتصاديات الدول، خاصة فيما يتعلق بالاحتياجات الضرورية والسلع الغذائية الأساسية، مما تسبب فى زيادة تكلفتها، وأيضاً أدت إلى زيادة حالة الارتباك فى الميزان التجارى الوطنى فى السلع غير البترولية».
منظم فى تفكيره، وهو ما تؤكده محطات مشواره الطويل، لذلك تجده موضوعى فيما يحلل، حول المتغيرات الخارجية التى كان لها الدور الأكبر فى أزمات الاقتصاد الوطنى، مع مجموعة من المتغيرات الداخلية أيضاً، نتيجة تدنى حجم التصدير من السلع والخدمات، والتى لم تستفد من عمليات التخفيض الذى شهدتها العملة المحلية، منذ نوفمبر 2016 وحتى الآن حيث وصل انخفاضها إلى نحو 64%، ورغم أن ذلك له سلبياته، إلا أنه له إيجابيات على المدى الطويل، لكن لم يتم الاستفادة من الإجراءات الإصلاحية، نتيجة عدم جاهزية الدولة للإنتاج، والاكتفاء بالتوجه إلى الإنتاج الخدمى، الذى لا يحقق قيمة مضافة مستدامة، ورغم كل ذلك فلا يمكن التقليل، وفقاً لرؤيته من جهود الدولة فى العمل على تنشيط ملف الصادرات، حتى لو كان بنسب بسيطة.
إذًا كيف تكون رؤية الاقتصاد فى المرحلة القادمة، وهل المشهد يدعو للتفاؤل أم استمرار المخاوف؟
بعلامات متفائلة حذرة تبدو على ملامحه.. يجيبنى قائلاً إن «الاقتصاد الوطنى لديه من القدرة والمقومات ما يمكنه من تجاوز مثل هذه الأزمات، من طاقة بشرية، وتوافر عوامل الإنتاج ورأس المال، لكن يجب تحديد الأولويات أولاً ثم تحديد التوجه الاقتصادى، هل نحن دولة زراعية، أم صناعية؟، وذلك لتحديد الميزة التنافسية التى تحقق الاستفادة من الصادرات، ومن تخفيض العملة المحلية، إلا أنه رغم ذلك لا تزال بعض المخاوف تسيطر على المستثمرين نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وتخارج الاستثمارات الأجنبية، وهو الذى دفع الدولة إلى الاقتراض، بسبب عدم وجود استثمارات أجنبية مباشرة، من شأنها توفر العملة الصعبة، نتيجة رفع أسعار الفائدة فى الدول المتقدمة والتى دفعت ثمنها كل الأسواق الناشئة، ومن ضمنها الاقتصاد الوطنى الذى سوف يستغرق وقتاً للتعافى، أسوة بباقى الاقتصاديات التى لا تزال تعانى من التضخم». رغم تأزم المشهد الاقتصادى عالمياً إلا أن الرجل يحدد علاجاً سريعاً، من خلال إيرادات السياحة، وتحويلات العاملين فى الخارج، وأيضاً بيع حصص فى الشركات المقيدة بالبورصة، وهى تعد روشتة عاجلة لخروج الاقتصاد من عثرته.
الوضوح والصراحة فيما يقول من سمات شخصيته، تجده يتحدث عن معدلات التضخم بصورة كاملة، خاصة أن ارتفاع هذه المعدلات فى السوق المحلى تكون إما تضخما مستوردا أو بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، التى تدفع إلى ارتفاع الأسعار، وهو متوقع استمراره خلال الفترة القادمة على أن يبدأ فى الانحسار مع الربع الثانى من العام القادم 2023.
«الثقة بالنفس بمثابة القوة التى تدفع إلى الأمام».. هكذا يكون الرجل، ويتبين ذلك حينما يتحدث عن السياسة النقدية بثقة مبنية على تحليل دقيق.. يعتبر أن السياسة النقدية غير مسئولة وحدها عن الأزمات التى يواجها الاقتصاد، بل تتحمل السياسة المالية والاستثمارية الجزء الأكبر من هذه المسئولية، ورغم ذلك تحاول السياسة النقدية تحقيق التوازن للاقتصاد، من خلال أدواتها المالية، باستهداف التضخم، واستقرار الأسعار، وكذلك رفع معدلات التوظيف، وهو ما تسعى إلى تحقيقه، فى ظل القرارات التى اتخذت مؤخراً من عملية تعويم، وغيرها من قرارات أخرى تحقق للاقتصاد توازن.
هناك حالة من المخاوف بتعرض الاقتصاد الوطنى إلى حالة ركود.. فما تعقيبك؟
بهدوء وشرح بسيط يجيبنى قائلاً إن «الركود يتحقق عندما ينخفض النمو الاقتصادى خلال ربعين متتاليين، وهذا لن يشهده الاقتصاد المصرى، نتيجة الاستثمارات والمشروعات القومية الضخمة التى يتم تنفيذها، بالإضافة إلى الدور الذى يقوم به القطاع غير الرسمى فى مثل هذه الأزمات، وبالتالى ليس فى مفردات قاموس الاقتصاد الوطنى ركود ولكن قد يكون تباطؤ وقتى للنمو الاقتصادى».
فى جعبة الرجل العديد من الحكايات فى هذا الملف، منها ما يشغل السواد الأعظم متمثلاً فى الاقتراض الخارجى.. يعقب قائلاً إنه «يجب إعادة النظر فى عملية الاقتراض الخارجى، بحيث يكون الاقتراض طويل الأجل، وليس اقتراضاً قصير الأجل يتم توجيهه إلى مشروعات استثمارية طويلة الأجل، ومعالجة ذلك لا تتحقق إلا بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، بعيداً عن الاستثمارات الاستهلاكية كونها لا تبنى اقتصاداً قوياً، ولا تحقق نمواً مستداماً، بالإضافة إلى أن ما يشهده سعر الدولار مقابل العملة المحلية من قفزات، هى قفزات مبالغ فيها بسبب ندرة السيولة فى الدولار، التى لا تخرج عن كونها مضاربات وقتية على الدولار وأسعار الذهب، وسوف تتلاشى سريعاً».
محطات متميزة مر بها، أصقلت خبرته العلمية والعملية، ويتبين ذلك فى حديثه عن السياسة المالية، إذ يرى أن الحكومة تتعامل مع السياسة المالية كونها «فرخة تبيض لها ذهباً» ولكن لم يتم استخدام هذه السياسة بالكفاءة المرجوة، حيث يستمر الضغط على السواد الأعظم من المواطنين والمستثمرين بضرائب متتالية، عملت على تطفيش الاستثمار، الذى هو الأساس فى زيادة حصيلة الدولة من الضرائب، بالإضافة إلى العمل على تقديم حزمة إعفاءات ضريبية، تشجيعية تدفع الاقتصاد غير الرسمى إلى الانضمام لمنظومة الاقتصاد الرسمى، مع الحرص على تحقيق الاستقرار فى السياسات الضريبية، بما يسهم فى تنفيذ المستثمرين سواء أجانب أو محليين لمشروعاتهم الاستثمارية، وفقاً لاستراتيجية كل مستثمر، ودراسات الجدوى المعدة لذلك.
سعادته فيما يؤمن به ويحققه، وهو سر تميزه، ونفس الحال حينما يحلل المشهد الاستثمارى، والاستثمار الأجنبى المباشر ودوره فى تعزيز النمو الاقتصادى تجده واضحاً وصريحاً.. يقول إن «الدولة قامت خلال السنوات القليلة الماضية بتهيئة مناخ الاستثمار من حيث البنية التحتية، وشبكة طرق عنكبوتية، وكل ذلك مهم لاستقطاب الاستثمار، لكن لتكتمل هذه البيئة الاستثمارية، لابد من سيادة سلطة القانون، وهو ما يفتش عنه المستثمر الأجنبى بصورة دائمة، حتى تكون استثماراته فى أمان، ويستطيع استرداد حقوقه فى أى وقت، بالإضافة إلى تقديم محفزات تنافسية، تدفع المستثمر فى الحرص على ضخ أمواله بالسوق المحلى، خاصة أنه يمتاز بتنافسية ترجح كفته كونه الباب الملكى للسوق الأفريقى، مع تحديد تسهيلات واسعة لهؤلاء المستثمرين.
الالتزام والتنظيم فى أفكاره من السمات المستمدة من والده، تجده أكثر ترتيباً فى أفكاره، عندما يتحدث عن القطاع الخاص الذى يعتبره أن له حقوقا وعليه واجبات، لا يجب التخلى عنها، على أن يكون حريصاً طوال الوقت على تحقيق توازن بين هذه الحقوق والالتزامات، مع ضرورة عمل الحكومة على تذليل كافة العقبات أمامه، وإتاحة الفرصة لتحقيق دوره فى النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة.
كيف ترى المشهد فى برنامج الطروحات الحكومية.. وهل الوقت مناسب لبدء تنفيذ البرنامج؟
حالة من الصمت ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا إن «سوق الأوراق المالية لا يزال يفتقد العمق، وضعف السيولة، ويعانى السطحية، فى ظل تدنى قيم التداولات، وبالتالى السوق فى حاجة إلى جدية من الحكومة لطرح شركات وبنسب كبيرة، حتى يتحقق عمق السوق، مع العمل على إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية، وتقديم إعفاءات واسعة للمستثمرين، خاصة أن السوق بات مؤهلاً لأى طرح».
مجموعة خبرات متراكمة، ودراسات متقدمة، وتجارب ناجحة فى كل المؤسسات التى عمل بها خارجياً، وداخلياً، ساهمت فى أن يبنى لنفسه مملكة خاصة، سنوات طويلة من النجاحات المتتالية، ليترك بصمة وأثراً طيباً فى عمله، وهو ما يحرص عليه مع فريق العمل بإدارة البحوث.. نجح مع فريق الإدارة فى إعادة الهيكلة وتطوير التقارير البحثية اليومية التى يتم نشرها، وتقديم توصيات للعملاء، مع المتابعة، مما ساهم فى تحقيق طفرة للإدارة والعملاء، بالإضافة إلى العمل على توسيع التغطية البحثية للأسهم، وتقديم منتجات جديدة للعملاء، بعمل تقارير تتعلق بأى من الأسهم التى تحظى بأخبار إيجابية، مع تقديم توصيات لهذه الأسهم، بالإضافة إلى تقديم منتجات أيضاً جديدة ومتخصصة للعملاء المؤسسات.
حافز الإبداع يجعله دائماً يفتش عن الجديد، مع فريق العمل بالإدارة، لذلك يحدد 4 مستهدفات تضيف قيمة للإدارة والعملاء تتمثل هذه المستهدفات فى العمل على توسيع نطاق تغطية الأسهم الأكثر سيولة، وكذلك الأسهم ذات العائد المرتفع، بالإضافة إلى تدشين منصة للبحوث، بهدف التواصل مع العملاء، وتقديم خدمة بحثية متكاملة تساعدهم فى اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بطريقة أسرع وأفضل وفقاً لقواعد وأسس، وأيضاً العمل المستمر على رفع كفاءة العاملين بالإدارة، والحرص على المشاركة فى المسئولية المجتمعية من خلال إتاحة التدريب المستمر لطلاب الجامعات المتخصصين.
إدراكه لقيمة النجاح، يدفعه دائما لتقديم المزيد، وتقديم العون للآخرين، وهو ما يسعده، لذلك زيّن سطور ذكرياته بحثِّ أولاده على العطاء، والعون.. يظل شغله الشاغل العمل الدائم على تطوير إدارة البحوث بصورة مستمرة، وتقديم كل ما هو جديد يتعلق بهذه الإدارة المهمة.. فهل يستطيع تحقيق ذلك؟