أصطحبت أسرتي الصغيرة للسينما لمشاهدة أحدث أفلام الخيال الخاصة بالأبطال الخارقين التي تم عرضها مؤخراً وهو فيلم "باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة". ففي الحقيقة أنا لم أعتاد مشاهدة مثل هذه السلسلة من الأفلام في السينمات فقد شاهدت بعضاً منها على شاشة التلفاز. وإن كنت أميل لباتمان (الرجل الوطواط) أكثر من سوبرمان (الرجل الخارق) إلا أن التجربة كانت مختلفة حيث أن الفيلم ثلاثي الأبعاد مثل معظم أفلام "الأكشن" الحديثة هذه الأيام وهو مايجعلك تشعر وكأنك جزء من الفيلم تشارك الأبطال مغامراتهم — فما بالك لو كان هؤلاء الأبطال أبطالاً خارقين!
فباتمان (المعروف باسم بروس وين) رجل ذكي وثري في أفضل حالة ذهنية وجسمانية يتمناها أي بشر كما أنه محارب ومحقق من نوع متميز يستخدم أسلحة وأدوات ذات تقنية عالية وخصوصاً سيارته الفارهة المميزة ذات اللون الأسود في دحر الظلم والأشرار. وفي المقابل سوبرمان (المعروف باسم كلارك كينت) رجل خارق من حيث القوة والسرعة والحواس وقدرة التحمل وطول العمر فموطنه كوكب كريبتون الذي تم تدميره بعد أن قام والده بإرساله للأرض كمحاولة لإنقاذ ابنه. وقد كان! فسوبرمان أصبح محبوباً من سكان الأرض نتيجة مساعدته لهم وقت الأزمات. ولكن هذه المرة أصبح الناس متخوفين من أن يصبح سوبرمان فوق القانون وبالتالي قد يستغل صفاته في غير صالح سكان الأرض. ففي أحداث الفيلم يقوم باتمان ممثلاً لسكان الأرض بمواجهة سوبرمان "الغير أرضي" لتحديد قدراته وسلطته ولكن بعد عراك عنيف يكتشف الإثنان في آخر الأمر أن الهدف الأساسي من هذه المواجهة هو تدميرهما معاً بينما تسيطر قوى الشر على الجانب الآخر من خلال وحش كاسر له صفات سوبرمان الممتدة من كوكب كريبتون.
إذا ما استغلينا ثلاثية أبعاد الفيلم بربط أحداثه بواقعنا الإقتصادي في مصر قد نجد "باتمان" يمثل "المستثمرين" و"سوبرمان" يمثل "الحكومة" و"الوحش الكاسر" يمثل "الفساد" الكامن في البلاد. فمؤخراً زاد اللغط حول إذا ما كانت الحكومة (السوبرمان) تريد "تطفيش" المستثمرين (الباتمان) من خلال إستغلال نفوذها في فرض سيطرتها على الإقتصاد بصفة عامة والقطاع الخاص بصفة خاصة. إلا أنني أجد هذه المواجهة ماهي إلا عبارة عن محاولة لتشتيت إنتباهنا عن الفساد (الوحش الكاسر) الذي ينقض على الأخضر واليابس. فأنا أعتقد أن هدف المستثمرين والحكومة واحد وإن اختلفت الأداة والطريقة. فلو اتحد المستثمرون والحكومة أعتقد أنهم سيقضوا معاً على الفساد أو على الأقل سيدحروه وهو ما سيعود علينا بالخير جميعاً.
فدعونا نتمنى الصلح بين "باتمان" و"سوبرمان" في مصر لكي يعم الرخاء ويبزغ بالفعل "فجر العدالة".