"ماذا تفعل لو كنت مكاني؟" هو برنامج إذاعي مصري قديم كان هدفه عرض المشاكل الحياتية على المستمعين والمستمعات ثم يتم استضافة شخص آخر لحلها بمقترحات وأفكار قد تكون جديدة أو غير تقليدية أو على الأقل لم تخطر على بال أصحاب تلك المشاكل من قبل. فعادةً نجد أن الذين يواجهون مشكلةٍ ما لا يستطيعون رؤية الموقف بنظرة أعم وأكثر شمولية وبدون عاطفة كون أنهم منغمسون بداخل تلك المشكلة لدرجة قد تؤثر على تقييمهم للأمور بعقلانية وموضوعية.
كان ذلك في الماضي ولكن اليوم يبدو أننا بحاجة إلى هذا البرنامج الإذاعي لإستقراء المشهد الإقتصادي في منطقتنا ومحاولة إيجاد حلول عملية لمعظم – إن لم يكن كل – المشكلات الإقتصادية. فالمشكلات أصبحت عديدة ومتشعبة وأسوأ ما في الأمر أنها أصبحت مُعقدة.
فعلى سبيل المثال، تاريخياً كان مجرد الحديث عن تخفيض معدلات الفائدة يعبر عن التوقعات السلبية التي من المحتمل مواجهتها في الإقتصاد وعندها تنخفض أسعار الأسهم وترتفع أسعار السندات نتيجة تحول المستثمرين من فئات الأصول ذات المخاطر (أي الأسهم) إلى تلك منخفضة أو منعدمة المخاطر (أي السندات الحكومية). والعكس صحيح، كان رفع معدلات الفائدة يشير إلى توقعات بإرتفاع معدلات التضخم وبالتالي إتجاه المستثمرين من السندات (التي تنخفض أسعارها عند إرتفاع معدلات الفائدة) إلى تلك الأسهم التي ستستفيد من هذا الإتجاه العام مثل أسهم شركات القطاع الإستهلاكي.
ولكن اليوم مجرد الإشارة بأن معدلات الفائدة ستستمر منخفضة لفترة أطول تجد المستثمرين متجهين للاستثمار في الأسهم مرتفعة المخاطر فيما يسمى بـ (risk-on mode) مثل أسهم الأسواق الناشئة وكذلك السندات التي ستحافظ على مستويات أسعارها بل قد ترتفع نتيجة زيادة الطلب عليها من قِبَل المستثمرين الذين لا يودون تحمل مخاطرة مرتفعة فيما يسمى بـ (flight to quality) بما أن استمرار معدلات الفائدة منخفضة يعني أن الوضع الاقتصادي لم ينتعش بعد.
بالفعل، أصبح المشهد الإقتصادي في المنطقة العربية متأثراً بصورة كبيرة بأسعار النفط مثل (دول الخليج العربي) وأسعار العملات المحلية مقارنة بالدولار الأمريكي (مثل مصر). ومع تفاقم المشكلات الاقتصادية من تدني للموارد السيادية مع إرتفاع للأسعار وإنخفاض معدلات النمو أصبحت الحلول التقليدية غير مجدية مما قد يستدعي الإستعانة بدول أخرى مالياً واقتصادياً للاستفادة من خبراتهم أو حتى لمجرد طرح سؤال واحد فقط: ماذا تفعل لو كنت مكاني؟