أهمية إدارة الدول كالشركات
مقال رأي تم نشره سابقاً في مجلة مباشر الخليج - عدد نوفمبر 2016
يدرك معظم المستثمرين بأسواق المال – وخصوصاً سوق الأسهم – جيداً أن حوكمة الشركات في إدارتها هو في الأساس للحفاظ على حقوقهم كمساهمين. فإتباع قواعد الحوكمة يساعد على تجنب تعارض المصالح الذي ينتج عادةً بين المساهمين من جهة والإدارة من جهة أخرى. ومن هنا تنبع أهمية حوكمة الشركات. ولكن ماذا لو طبقنا نظام حوكمة الشركات بصورةٍ ما على الدول؟
لو اعتبرنا أن الدولة هي شركة مساهمة وأن الشعب هو أكبر مساهم في تلك الشركة وأن الإدارة السياسية هي مجلس إدارة الشركة وبالتالي هدف الشعب سيكون هو نفس هدف المساهمين وهو تعظيم العائد على استثماراتهم والتي قد تتلخص في المال المستثمر في حالة الشركة. ولكن في حالة الدولة ما هي استثمارات الشعب ليتم تعظيمها؟ بلا شك أن رأس المال هو أحد تلك الاستثمارات ولكن هناك عوامل أخرى مثل الموارد البشرية مما يشملها من مجهود ووقت ومعرفة.
ففي حالة الشركة نجد مجلس الإدارة يفاضل بين أوجه الاستثمار المختلفة لتعظيم العائد على استثمارات مساهميهم وذلك احتراماً للتوكيل – سواء ضمني أم علني – الذي منحه هؤلاء المساهمين من خلال التصويت الفعلي في الجمعيات العمومية لتأكيد إختيار مجلس الإدارة أو من خلال الرضا عن الأداء وبالتالي عدم حضور تلك الجمعيات العمومية. وبالمثل نجد أنه في حالة الدولة تقوم الإدارة السياسية من خلال الحكومات بأنواعها المختلفة – كمجلس الوزراء على سبيل المثال – في إدارة شئون البلاد نحو استراتيچية عامة هدفها الأساسي هو تعظيم العائد للشعب عن طريق رفع مستوى معيشته ورفاهيته مع تخفيض نسب البطالة والاهتمام بالصحة والتعليم.
ومن هنا تكمن أهمية القرارات السياسية التي تتخذها الحكومات في تنويع استثمارات الدولة ومعها تنويع مصادر تمويلها. فقد نجد بعض الدول ذات الملاءة المالية القوية لا تقترض وتقوم بإستخدام أصولها كمُكٓوِّن أساسي في استثماراتها في حين نجد بعض الدول الأخرى تقوم بالإقتراض بصورة كثيفة لا تستطيع معها إلا أن تستمر في إعادة تمويل استثماراتها عن طريق الإقتراض لتوليد معدلات نمو اقتصادية عالية. ولكن هذا الوضع غير مستقر مما يجعل الدولة في مهب الريح إذا تغيرت الرؤية الاستثمارية وبدأت معدلات النمو في الانخفاض مما قد يدفع الدولة نحو الهاوية!
لذا الأفضل عند تنويع مصادر التمويل هو «الوسطية» مابين استخدام موارد الدولة المالية من ناحية والإقتراض (محلياً كان أم خارجياً) من ناحية أخرى. وهو بالفعل ما تنشده مجالس إدارات الشركات: أفضل مزيج بين حقوق ملكية المساهمين والإقتراض أو ما يُسمى بالمتوسط المرجح لرأس المال الأمثل والذي عنده تكون قيم الشركات أعلاها. فعلى الإدارة السياسية للدول تحديد هذا المزيج بين حقوق ملكية الشعب والإقتراض لتعظيم العائد على الاستثمار وبالتالي الرُقِي بدولهم.