أهمية قطاع الاتصالات نجدها في اسمه فهو مبني على الاتصال بين طرفين أو أكثر في نفس الوقت ولكن في أماكن مختلفة وقد تكون بعيدة كل البعد. الرسالة التي كانت تحتاج لأيام وفي بعض الأحيان شهور لتسليمها أصبحت تنتقل بمجرد ضغطة زر. ولا يزال القطاع يتطور ليلعب دوراً هاماً في كافة القطاعات الأخرى كأحد أدوات تمكينها للنمو والانتشار.
ولكن الغريب، بل العجيب، أن نرى الاتصال وقد تم قطعه عنوة وبلا أي مقدمات بين السعر السوقي لسهم شركة المصرية للاتصالات وقيمته العادلة. بالفعل، في حين يقوم قطاع الاتصالات على توصيل الأطراف ببعضهم البعض، نجده عاجزاً عن توصيل القيمة العادلة لسهم مثل المصرية للاتصالات بسعره السوقي الذي يتداول بخصم يبلغ 40% عن قيمته العادلة.
من المفهوم أن السعر السوقي لأي سهم يعتمد على عوامل كثيرة أخرى مثل حالة السوق والمزاج العام للمتعاملين به وأيضاً شهية السوق للقطاع الذي تعمل به الشركة مُصدرة السهم. ولكن بالنظر للفترة الماضية وبالأخص منذ انتشار فيروس كوفيد-19 وتأثيره الكبير على اقتصادات العالم وأيضاً القطاعات المختلفة، نجد أن أحد القطاعات التي لم تتضرر بل استفادت من تداعيات انتشار الفيروس هو قطاع الاتصالات وهو منطقي جداً عندما يتعلق الأمر بالإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي مما يستدعي الاعتماد على وسائل الاتصال عن بعد مثل الانترنت والتطبيقات المختلفة المبنية عليها.
بالنظر إلى أداء سهم المصرية للاتصالات — وهي شركة الاتصالات المتكاملة التي توفر كافة خدمات الاتصالات في مصر من خط الأرضي لمحمول وخدمات كابلات أرضية وبحرية وهي ما تعتمد عليه الانترنت، لا نرى انعكاساً لأي من هذه العوامل التي كان من المفترض أن تدعم أداء الشركة وبالتالي سهمها. بالفعل، يبدو وأن سهم المصرية للاتصالات لا يزال بحث عن ذاته بين الأسهم المصرية التي استفادت من أزمة كورونا. فمنذ أواخر مارس 2020 وحتى آخر فبراير 2021 ارتفع سهم المصرية للاتصالات فقط 18%!
في عام 2020 (عام الكورونا)، ارتفعت إيرادات المصرية للاتصالات بنسبة 24% على أساس سنوي لتصل إلى 31.9 مليار جنيه مصري، مدفوعةً بارتفاع إيرادات التجزئة بنسبة 28% على أساس سنوي والتي تأثرت إيجابياً بدورها بارتفاع إيرادات البيانات بنسبة 39% على أساس سنوي. كما تضاعفت إيرادات مشاريع الكابلات. الجدير بالذكر أن الأداء المالي للمصرية للاتصالات خلال عام 2020 لم يكن مدفوعاً فقط بارتفاع الاستخدام ولكن ارتفع عدد المشتركين في كل قطاع على أساس سنوي (مشتركي الخط الثابت الصوتي +14% لـ 9.85 مليون مشترك، مشتركي البيانات +20% لـ 6.9 مليون مشترك، مشتركي المحمول +43% لـ 7.3 مليون مشترك). لذا ارتفعت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك الطبيعية بنسبة 60% على أساس سنوي، محققةً هامش يصل إلى 36% وهو ما تعدى توقعات إدارة الشركة نفسها! وبينما ارتفع صافي الربح بنسبة 10% على أساس سنوي إلى 4.9 مليار جنيه مصري، لو قمنا باستبعاد البنود غير المتكررة، سنجد أن صافي الربح قد ارتفع بنسبة 39% على أساس سنوي ليصل إلى 5.2 مليار جنيه مصري.
لذا، السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل سنجد يوماً ما الاتصال مكتملاً بين القيمة العادلة والسعر السوقي في حالة سهم المصرية للاتصالات؟ لك أن تتخيل أن شركة مثل المصرية للاتصالات تحقق أرباحاً سنوية تتعدى الـ 5 مليار جنيه مصري ويتداول سهمها عند مضاعف ربحية أقل من 4 بالرغم من تحقيق معدلات نمو من رقمين. وهو ما يجعل المتعاملين يتساءلون عن السبب وراء عدم انعكاس أداء الشركة على أداء السهم. الإجابة هي أن السوق حتماً سيقوم بتصحيح نفسه بنفسه مع مرور الزمن ولكن السؤال الآخر الذي قد لا نجد إجابة له هو "متى؟". وتظل الكرة في ملعب المصرية للاتصالات نحو تحقيق ذاتها وخلق قيمة لمساهميها جميعاً.