شهد يوم أمس لحظة تاريخية أخرى للجنيه المصري، حيث انخفض بنسبة 14% خلال اليوم إلى 32.2 جم/دولار أمريكي قبل أن يقلص خسائره إلى النصف لينهي اليوم منخفضاً بنسبة 7% فقط. في حين أن ضعف الجنيه عادةً ما يكون أمراً جيداً للأصول المصرية بشكل عام، كان رد فعل البورصة المصرية غريباً. مع بدء الدولار الأمريكي في الارتفاع في وقت مبكر من يوم أمس، ارتفع كذلك مؤشرا إي جي إكس 30 وإي جي إكس 70 متساوي الأوزان بحلول الظهيرة بما يصل إلى 4.4% و2.8%، على التوالي. مع استمرار ارتفاع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له عند 32.2 جم بحلول الساعة الواحدة ظهراً، بدأ مؤشرا السوق بالفعل رحلة الانخفاض. ويبدو أن المؤسسات المصرية قادت الحركة الهبوطية، حيث شكلت 27% من تداولات الأمس لكنها أنهت اليوم كصافي بائعين. من ناحية أخرى، أغلق المستثمرون العرب (10% من التداول) كصافي مشترين. أحد التفسيرات التي استخدمها بعض المشاركين في السوق لتبرير هذا التراجع المفاجئ يتعلق بإصدار شهادات ادخارية عالية العائد من قبل أكبر بنك للقطاع الخاص في مصر، البنك التجاري الدولي - مصر. تم تداول أسهم التجاري الدولي المحلية (-4%) وشهادات الإيداع الدولية (+14%) بكثافة حيث تم تداول حوالي 31 مليون سهم و20 مليون شهادة، على التوالي. كلا الأداتين يعكسان الآن سعر صرف ضمني قدره 30 جم/دولار أمريكي.
كان البنك التجاري الدولي قد طرح شهادات ادخار بالجنيه المصري بعائدات سنوية تبلغ 22.5% و20% تدفع في آخر المدة أو شهرياً، على التوالي. على الرغم من أن هذا الخبر كان معروفاً في اليوم السابق، فقد اعتقد المستثمرون (كما تقول القصة) أن مثل هذه الخطوة ستؤثر سلباً على ربحية التجاري الدولي حيث أن استثمار عائدات بيع شهادات الادخار عالية العائد قد يكون صعباً في بيئة السوق الحالية مع عوائد أذون خزانة تبلغ فقط 20%. ولكننا نميل إلى التفكير بشكل مختلف. أولاً، وجهة النظر أعلاه تضع افتراضاً خطيراً وهو "مع ثبات العوامل الأخرى". لكننا نعتقد أن هذا سيتجلى في النهاية في ارتفاع عوائد أذون الخزانة في المستقبل. ومع ذلك، نعتقد أن قرار التجاري الدولي هو قرار تكتيكي إلى حد ما (وليس استراتيجي) في محاولة لحماية قاعدة ودائعه وحصته في السوق، وبالتالي تجنب هروب أموال المودعين إلى البنك الأهلي المصري أو بنك مصر. في حين أن مثل هذه الشهادات الادخارية ذات العائد المرتفع ستضغط على الأرجح على هامش صافي العائد لـ التجاري الدولي، نعتقد أن التأثير على الربحية سيعتمد على حجم مبيعات تلك الشهادات كنسبة من إجمالي ودائع البنك. نلاحظ أن أكثر من 50% من ودائع التجاري الدولي هي في حسابات جارية وحسابات توفير منخفضة التكلفة مما يمنح البنك بعض المساحة للمناورة بمثل هذا المنتج عالي التكلفة. كما حاولت محللة قطاع البنوك بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، أماني شعبان، قياس التأثير على صافي دخل التجاري الدولي لعام 2023 (الذي نقدره بـ 19.2 مليار جم)، بافتراض أن 10 مليارات جم ستذهب إلى هذه الشهادات الادخارية ذات العائد المرتفع. إذا كانت هذه الودائع جديدة على التجاري الدولي، فسيكون التأثير في حدود 0.5 مليار جم أو 2.5%. إذا كانت هذه الودائع قادمة من داخل التجاري الدولي، فسيكون التأثير في حدود 1.2 مليار جم أو 6%. وبالتالي، مع ملاحظة أن هذه الشهادات الادخارية ستستمر لمدة 1.5 عام فقط، لا يمكننا أن نبني رأياً طويل الأجل نتيجة مناورة قصيرة الأجل تهدف إلى حماية قاعدة ودائع البنك. علاوةً على ذلك، بما أن الدولار الأمريكي القوي يكون جيداً بالنسبة لـ التجاري الدولي، نعتقد أن ضعف سعر السهم الذي شهده يوم أمس لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال.