هناك من يعتقد أن الحجم قد لا يهم أحياناً إلا أنه أصبح ذا أهمية كبرى عند الحديث عن قطاع الاتصالات عامة واللاسلكية خاصة. فمشغلي الهواتف المحمولة دأبوا في الفترة الأخيرة في البحث عن طرق جديدة لتنمية أرباحهم والعوائد على استثماراتهم مع تناقص الفرص الاستثمارية في العالم. بالإضافة إلى ذلك، أدى النمو المتطرد في عدد المشتركين إلى انخفاض معدلات نمو الإيرادات في بعض مشغلي الأسواق الناشئة التي قاربت على التشبع. لذا، لن يكون مفاجئاً أن نسمع في المستقبل القريب عن تحالفات جديدة في عالم الاتصالات من الحجم الكبير الذي سيساعد على زيادة هوامش الربحية عن طريق نظرية وفورات الحجم (economies of scale). على الجانب الآخر، فإن حجم شركات الاتصالات وسياساتها التوسعية قد يتعارض مع الحكومات المختلفة في الدول التي تعمل بها. حينها قد يصبح الأمر أكثر تعقيداً.
في القارة الأفريقية، تجلى هذا الموضوع حديثاً مع اهتمام شركات الاتصالات الهندية بالأسواق الأفريقية (مثال شراء شركة بهارتي إيرتل للأصول الأفريقية لشركة زين) ومحادثات شركتي أوراسكوم تيليكوم المصرية وإم تي إن الجنوب أفريقية التي تم الكشف عنها مؤخراً. بالنسبة لتلك الأخيرة، زال غموض تكهنات الأسابيع الماضية نوعاً ما حيث أكدت كل من شركتي أوراسكوم تيليكوم وإم تي إن جروب الجنوب أفريقية أن شركة ويذر إنفيستمنتس (الشركة الأم للأولى والذراع الاستثماري لعائلة نجيب ساويرس) دخلت في محادثات دمج واستحواذ مع الأخيرة. في رأينا، نعتقد أن ويذر تسعى لبيع أوراسكوم تيليكوم أو شركاتها التابعة لسببين رئيسيين: (1) صعوبة موقف شركة دجيزي بالجزائر بعد الأحداث المؤسفة نهاية العام الماضي وفرض ضرائب طائلة وغير متوقعة على الشركة، (2) قد تكون ويذر في حاجة إلى سيولة نقدية بعد توقف توزيعات الأرباح من الجزائر ومساهمتها في زيادة رأس مال أوراسكوم تيليكوم الأخيرة البالغة 800 مليون دولار. من المتوقع أن يعمل بيع أوراسكوم تيليكوم أو أي من الشركات التابعة لها على توليد نقدية والتي قد تصب فيما بعد عند مساهمي الشركة (أي ويذر ومساهمي الأقلية). لذا فقد ارتفع سهم أوراسكوم تيليكوم بحوالي 28% في خلال شهر بعد تردد أنباء عن تلك المحادثات من خلال الصحف الدولية وبالأخص الفايننشال تايمز. بات المحللون ينسجون سيناريوهات عدة محتملة لنتائج تلك المحادثات. إلا أننا نعتقد أن الاستحواذ على أوراسكوم تيليكوم بالكامل مع توفير الخيار لمساهمي الأقلية بالحصول على النقدية أو مبادلة أسهمهم في أوراسكوم تيليكوم بأخرى في ويذر أو إم تي إن يعد أفضل الخيارات – في رأينا – بالنسبة لهم.
لكن جاء موقف حكومة الجزائر بوجوب استخدامها لحق الشفعة في شراء شركة دجيزي التابعة لأوراسكوم تيليكوم حسب آخر تعديلات في قانون الاستثمار هناك ليعرقل طموحات أوراسكوم تيليكوم وإم تي إن مؤقتاً. فشركة دجيزي هي أكبر مشغل للمحمول في الجزائر من حيث عدد المشتركين حيث تنافس شركتي نجمة (المملوكة لكيوتل القطرية) وموبيليس (المملوكة لحكومة الجزائر). بالرغم من ذلك، لا نزال نعتقد أن المحادثات حول الشركات الأخرى التابعة لأورسكوم تيليكوم في أفريقيا قد تستمر بغض النظر عن الموقف الجزائري والذي نخشى أنه أصبح أكثر تعقيداً من مجرد قضية ضرائب. في النهاية، ليس هناك أمام مساهمي الأقلية بشركة أوراسكوم تيليكوم إلا أن ينتظروا لما قد تسفر عنه اتصالات أوراسكوم تيليكوم مع حكومة الجزائر آملين في أن تنتهي الأزمة في أقرب وقت ممكن.