هناك من يؤمن بـ "نظرية المؤامرة" عند تفسير العديد من المواقف -- خاصةً كانت أم عامة. فتراه يبحث عن مبررات لكل النتائج السلبية التي تحدث له تارةً ويعلق أخطائه على "شماعة" الآخرين تارةً أخرى. ولكن المنطق هو تحديد الأسباب التي تؤدي إلى أي نتيجة كانت طالما لم يكن هناك تدخل إلهي كالزلازل والفيضانات والتسونامي! فإتهام الآخرين هو أسهل طريقة لتبرير السلبيات لكن الأصعب هو تحديد موطن المشكلة وبالتالي أسبابها وهو - كما يقولون - نصف حل المشكلة.
وعادةً يكون حل المشكلة بداخلها لو تم دراستها جيداً من كافة الجوانب. فعلى سبيل المثال في مصر لاتزال مشكلة تضخم عدد السكان أحد أهم العوامل التي يتم إتهامها بإعاقة التنمية الاقتصادية بالدولة حيث مشكلة الإسكان والصحة والتعليم. لكن لو نظرنا إلى المشكلة من جانب آخر نرى أن وجود هذا العدد الهائل من السكان هو في واقع الأمر أحد أهم عوامل النمو الاقتصادي الذي قد تتمناه أي دولة. فدول أوروبا العجوز تواجه مشكلة إنخفاض معدلات نمو السكان وفي بعض الأحيان نقصان عدد سكانها وهو مايعني إنخفاض الإيرادات السيادية مستقبلاً وبالتالي حجم الاقتصاد. فزيادة حجم السكان يعني وجود سوق للمنتجات والخدمات المختلفة ووفرة في العمالة. فلايجب أبداً أن يكون العنصر البشري هو المشكلة بل جزء لايتجزأ من الحل إن لم يكن الحل نفسه.
ويكمن الحل في وضع سياسة اقتصادية للتنمية الشاملة يكون أهم عنصر فيها هو العنصر البشري. فهناك طاقة بشرية كامنة قد تتسبب في مشاكل لاحصر لها إن لم تُستغل جيداً وليست الثورات ببعيد عن منطقتنا العربية. ويجب على الحكومات أن تبتعد عن "الاقتصاد السياسي" أي استخدام الاقتصاد في خدمة أهداف سياسية قصيرة الأجل قد لا تؤتي ثمارها والتركيز على خلق بيئة مواتية للاستثمار الداخلي قبل الخارجي. فالصراع العالمي الآن قد يكون بمثابة "الحرب العالمية الثالثة" ولكنها حرب من نوع آخر .. حرب اقتصادية. إن الدولة التي تمتلك موارد طبيعية وبشرية ورؤوس أموال لا ينقصها غير حُسن الإدارة لتضمن الانتصار في تلك الحرب بالرغم من أي مؤامرات قد تُحاك ضدها. والمثل يقول "عندما يكون هناك إرادة سيكون هناك طريقة".